الطريق للاستقلال والاتحادفي عام 1968، أعلنت بريطانيا عن رغبتها في الانسحاب من جميع محمياتها ومستعمراتها شرق المتوسط في نهاية عام 1971.
وهو ما كان يمكن أن يسبب خللا سياسيا واستراتيجيا في المنطقة لو لم يستعد
أبناؤها لاستلام زمام الأمور وبالصورة الصحيحة، وبدأت تتبلور فكرة الاتحاد
في اجتماع عقد بين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في قرية السميح الحدودية في 18 فبراير 1968 [45]
واتفقا على أن أفضل السبل أن يقوم اتحاد بينهما وأن يدعوا الإمارات
الخليجية إلى هذا الاتحاد ، وهو ما تم بالفعل ، وقد وجهت الدعوة بالإضافة
إلى الإمارات السبع إلى كل من إمارتي قطر والبحرين. وتمت الدعوة لاجتماع في دبي لبحث مسألة إنشاء اتحاد بينهم. وانعقد الاجتماع ووافق الجميع على أن تشكل لجنة لدراسة الدستور المقترح.
لكن ما لبثت أن فشلت هذه المحاولة، وأعلنت كل من قطر والبحرين عن
استقلالهما معلنتين عن سيادة كل منهما على أراضيها . وبالفعل نالت كل دولة
منهما الاعترافات العربية والدولية. لكن مشكلة الإمارات مازالت قائمة. وقد
حاول قطبا الاتحاد الشيخ زايد والشيخ راشد مرة أخرى ضم الإمارات السبع إلى
بعضها. غير أن تلك المحاولة كان مصيرها الفشل أيضا. فحاولا من جديد، إذ
اجتمع الشيخ زايد والشيخ راشد وقررا أن يشكلا اتحادا بينهما وكلفا عدي
البيطار المستشار القانوني لحكومة دبي بكتابة الدستور. وعند إتمامه تتم
دعوة حكام الإمارات الباقية للاجتماع، وفي هذا الاجتماع يقررون الانضمام
إليه إذا شاؤوا. أما هما فقد اتخذا قرارا بالاتحاد بين دبي وأبوظبي ولم يبق إلا التنفيذ[46].
عقد السبعينات (1971 - 1979)أقر دستور الإمارات الاتحادي بشكل المبدئي مساء يوم 1 ديسمبر عام 1971. وفي صباح اليوم التالي بتاريخ 2 ديسمبر 1971 اجتمع حكام سبع إمارات في قصر الضيافة في دبي . ووافق أربعة من حكام الإمارات مشاركة إمارتي أبوظبي ودبي في هذا الاتحاد في حين لم يوافق حاكم رأس الخيمة في حينها. ووقع حكام أبوظبي ودبي والشارقة والفجيرة وأم القيوين وعجمان على الدستور مانحين الشرعية لقيام الاتحاد بينهم والاستقلال عن بريطانيا. [47]
خرج أحمد خليفة السويدي - مستشار الشيخ زايد ، وقد عين وزيرا للخارجية في أول تشكيل وزاري للدولة - ليعلن أمام رجال الإعلام عن قيام الاتحاد. ورفع علم الدولة في قصر الضيافة بدبي الذي يعرف اليوم باسم "بيت الاتحاد" [48] [49].
أزمة البريميتقع البريمي في
عمان التاريخية (التي تضم سلطنة عمان ودولة
الإمارات العربية المتحدة)، وعندما طلبت الإمارات العربية المتحدة من
المملكة العربية السعودية تأييدها عند نشوء اتحادها برزت المشكلة الحدودية
القديمة والتي تعود جذورها إلى بدايات القرن التاسع عشر. إذ أنه وبعد
انتهاء دولة اليعاربة تشكلت تحالفات جديدة في المنطقة بين القواسم وإمارة الدرعية ضد سلطان عمان الذي تحالف معه البريطانيون وقد استطاع القواسم بهذا الدعم من الدرعية
من السيطرة على الساحل والجبال معا. بينما سيطر بنو ياس على كامل المنطقة
البرية من السلع إلى خور العديد ووصل نفوذهم إلى الواحات الداخلية. واستمر
هذا حتى انفصل مكتوم بن بطي آل مكتوم شيخ آل بوفلاسة عام 1833 عن بني ياس واستقل بدبي [50] . بينما بقي الشيخ زايد آل نهيان شيخ آل بوفلاح في أبو ظبي. وكانت القبائل حليفة بني ياس ومنها بنو كعب وعشائر وقبائل أخرى في منطقة محضة بالقرب من البريمي. وكان عدد من هذه القبائل يدفع الزكاة لأمير الأحساء على اعتبار ولائهم للمملكة العربية السعودية.
لم يحدد التقسيم القبلي مناطق النفوذ والحدود بصورة واضحة وجلية، وبرز هذا بقوة عند ظهور النفط. وكان الملك عبد العزيز بن سعود قد منح شركة ستاندرد النفطية الأمريكية امتياز البحث عن النفط في جميع أراضي المملكة. ثم أرسل السعوديون سنة 1952 أميراً من قبلهم إلى واحة البريمي التي تضم مدينة العين الحالية. وقد أصر البريطانيون على إثر ذلك على أن هذه الأرض لا تتبع المملكة العربية السعودية وإنما تتبع مسقط وأبو ظبي
بناء على الاتفاقات العثمانية البريطانية فيما يسمى بالخطوط الزرقاء.
وعرضت القضية على القضاء الدولي الذي فشل في حلها. ولم ترض السعودية بذلك
وتصاعد الخلاف حتى وصل في الخمسينات من القرن العشرين إلى صدام مسلح تطور
إلى ما عرف بحرب البريمي.
حيث قاد الحركة عبيد بن جمعة شيخ بني كعب في محضة وتبعته عدة قبائل. إلا
أن حداثة أسلحة الإنجليز مكنتهم من السيطرة على المنطقة وذلك في أكتوبر
سنة 1955 م. وقسم البريطانيون واحة البريمي بين عمان وأبو ظبي، وعين ابن
نهيان أخاه أميراً عليها. واضطر صقر بن سلطان شيخ النعيم إلى اللجوء إلى الدمام في السعودية،[51] كما اضطر الشيخ عبيد إلى الانسحاب جوا إلى الشارقة ثم بحرا من دبي إلى الخبر.
تم حل هذه المشكلة الحدودية بعودة منطقة البريمي إلى عمان التاريخية
(الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان) فيما بعد بالاتفاق على تبعية
البريمي لسلطنة عمان، والعين لأبو ظبي وتم منح السعودية الأراضي المتاخمة
للحدود القطرية من أراضي الإمارات وعلى ساحل يطل على الخليج العربي طوله
يقارب 150 كم. [52]